أولاً: القيم المعلنة، والاستثناء الإسرائيلي
لقد قامت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في ظاهرها، على دعائم الحقوق والحريات، واحترام القانون الدولي، ودعم الآليات القضائية متعددة الأطراف. لكن حين يكون المعتدي إسرائيل، ينكفئ القانون، وتصمت العدالة، ويُستبدل النداء الأخلاقي بلغة الرماد.
في اتفاقية الشراكة الموقعة عام ٢٠٠٠ بين الاتحاد وإسرائيل، ينص المادة الثانية على أن:
“تُبنى العلاقات بين الطرفين على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية…”
ولكن هذه المادة لم تُفعّل قط رغم التوثيق المتكرر لانتهاكات جسيمة وممنهجة. وفي حين علّق الاتحاد اتفاقياته أو قيّدها مع روسيا، سوريا، تونس، وبلدان أخرى، فإنه لم يمس اتفاقه مع إسرائيل.
لمزيد من التفاصيل راجع 🔗 هذا المقال
ثانياً: المحكمة الجنائية الدولية… عدالة انتقائية
في عام ٢٠٢١، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في الجرائم الواقعة في غزة والضفة والقدس منذ عام ٢٠١٤، بما يشمل سلوك الجيش الإسرائيلي وحماس وسواهم. ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لم يقدّم دعماً يُذكر لهذا المسار القضائي:
- بعض الدول كألمانيا والنمسا والمجر عارضت التحقيق علناً.
- الدول الأخرى التزمت الصمت، ولم تُفعّل أدوات الضغط لتعاون إسرائيل.
- وفي المقابل، في حالة أوكرانيا، دعم الاتحاد التحقيقات، وموّل جمع الأدلة، وساند مذكرات التوقيف.
فهل يُختصر القانون الدولي على من لا يملك الحصانة الجيوسياسية؟
لمزيد من التفاصيل راجع 🔗 هذا المقال (باللغة الانجليزية)
ثالثاً: سوريا مقابل إسرائيل
| الدولة | إجراءات الاتحاد الأوروبي |
|---|---|
| سوريا | عقوبات، دعم لجان تحقيق، دعوات متكررة للمساءلة الدولية. |
| إسرائيل | بيانات إنسانية متكررة، بلا عقوبات، ولا توصيف قانوني دقيق. |
هذا التباين لا يمكن تفسيره بالبيروقراطية وحدها، بل يعكس هندسة أخلاقية تفرق بين الضحايا وتنتقي المجرمين.
رابعاً: البلاغة الانتقائية
حين نُشرت صورة لمحتجز إسرائيلي يعاني من الجوع، وصفتها بيانات أوروبية بأنها "بربرية" و"غير إنسانية" و"جريمة حرب".
لكن حين نُشرت صور لأطفال غزة يتضورون جوعاً، جاءت اللغة باردة: "أزمة إنسانية" و"ضرورة عاجلة للمساعدات".
حتى الآن، لم ترد كلمة إبادة في بيانات الاتحاد الأوروبي، ولا كلمة مجزرة. كأنما الذبح، حين يقع في غزة، يُنظر إليه كإحراج دبلوماسي لا كجريمة ضد البشرية.
خامساً: الخاتمة... منحدر العدالة الانتقائية
ما جدوى الاتفاقيات إن لم تُفعّل؟ وما قيمة القانون إن لم يُطبق إلا على الضعفاء؟
إن فلسطين لا تطلب استثناءً، بل تطلب مساواة في المعايير. فإن كان التعاون مع المحكمة الدولية إلزاماً على روسيا، فلماذا يصبح خياراً تجاه إسرائيل؟
وكم من الأرواح يجب أن تُزهق، حتى تنطق أوروبا بكلمة "إبادة"؟
📌 لقراءة المقال الأصلي راجع : 🔗 ( المقال باللغة الانجليزية)