قصيدة في رثاء طفلةٍ جاعت في زمن التخمة، وصمت العالم
التوطئة
كثيرةٌ هي الأسماء التي تموت، وتموت معها القصص.
لكنَّ "رَزان" ليست اسمًا عابرًا، بل مرآةٌ تفضح عجزَنا وجبنَنا، نحن الكبارَ القادرين على الكلام والفعل، الساكنين تحت أسقفٍ تحمينا من الجوع والخذلان.
هذه القصيدة لا تُرثيها وحدها، بل ترثي إنسانيتنا التي ضمرت، حين فَقَدَ الجائعُ صوته، وفَقَدَ الشبعانُ قلبه.
✦ رَزان — الطفولةُ حين يُخْذلُ الوَعْد
أرَأيتَ رَزانًا؟ وقد ماتَ جوعُها
على الأرضِ تُغتالُ الطفولةُ بالصَّمْتِ؟
جَوادُ المدى جاعَتْ به الشمسُ ضَائعةً،
فما عادَ في الدَّربِ الرجاءُ لمُغْتَبِطِ
أقامتْ على الجوعِ الطفولُ، كأنّها
تُكابِدُ صَمتَ الناسِ عن جُرحِها الدّامي
بَقيتْ تُقاوِمُ ما استطاعَتْ، وإنّها
لَتَحسِبُ أنّ العُرْبَ قُرْبَانُ إقدامِ
تُرى، أيَكفي الموتُ أن نَستفيقَ بعدَهُ؟
أمِ استمرأَ القَومُ التواطؤَ في الظُّلمِ؟
فمِن قُبلةِ الأمِّ التي ما استطاعتْ
تُداوي الجُراحَ، استغاثَتْ بلا نُطْقِ
وإنْ قيلَ: مَنْ قاتِلُوها؟ قُلْ: تحالُفُ
من الصَّمْتِ، والتأجيلِ، والركنِ، والوَقْتِ
رَزانٌ صرَاخُ الجوعِ فينا يُجَسِّدُ الـ
وُعودَ التي أُخجِلتْ، والمَعاذِرَ بالفِتْنِ
فلا حِلفَ إلا الرُّضّعُ اليومَ بيننا،
إذا سَكتُوا قامتْ مَلاحِمُنا الخُشْنِ
ويا سائلي عن ذُنوبِ البريئةِ،
فذَنبُ الطفولِ بأُمَّةٍ خَذلَتْ نَفْسِهَا
وقالتْ: سَنُنْقِذُها… إنما في غَدٍ،
فأكلَ الغدُ الطفلةَ البَكرَ مِن أَمْسِهَا
مضى العُذرُ مَقتولًا على فمِ حاكمٍ،
وكانتْ يداهُ القادرتانِ معَ الأُسْدِ
فيا ربُّ، إنْ ساءلتَنا عن دموعِها،
فلا صَفحَ إلا بِما نَسجَ الفِعْلُ بالرُّشدِ
الخاتمة
اللهم ارحم رَزان، وكلَّ الشهداء الذين مضوا إليك جوعى أو مظلومين.
واصبرْ أهلهم، وسلِّ قلوبهم، وانصرْهم على القومِ الباغين.
📅 محرم ١٤٤٧ هـ — الموافق يوليو / تموز ٢٠٢٥ م
✍️ قيس عبدالله الجوعان